"الله" على الابتداء، وتصيير قوله:( الذي له ما في السماوات )، خبرَه.
* * *
وقرأته عامة قرأة أهل العراق والكوفة والبصرة:( اللهِ الَّذِي ) بخفض اسم الله على إتباع ذلك( العزيزِ الحميدِ )، وهما خفضٌ.
* * *
وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذ قرئ كذلك.
فذكر عن أبي عمرو بن العَلاء أنه كان يقرؤه بالخفض. ويقول: معناه: بإذن ربهم إلى صرَاط [ الله ] العزيز الحميدِ الذي له ما في السماوات. (١) ويقول: هو من المؤخَّر الذي معناه التقديم، ويمثله بقول القائل: " مررتُ بالظَّريف عبد الله"، والكلام الذي يوضع مكانَ الاسم النَّعْتُ، ثم يُجْعَلُ الاسمُ مكان النعت، فيتبع إعرابُه إعرابَ النعت الذي وُضع موضع الاسم، كما قال بعض الشعراء:
لَوْ كُنْتُ ذَا نَبْلٍ وَذَا شَزِيبِ... مَا خِفْتُ شَدَّاتِ الخَبِيثِ الذِّيبِ (٢)
* * *
وأما الكسائي فإنه كان يقول فيما ذكر عنه: مَنْ خفضَ أراد أن يجعلَه كلامًا واحدًا، وأتبع الخفضَ الخفضَ، وبالخفض كان يَقْرأ.
* * *
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القُرّاء، معناهما واحدٌ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

(١) زدت ما بين القوسين لأنه حق الكلام، وإلا لم يكن المعنى على " المؤخر الذي معناه التقديم " كما سيأتي، بل كان يكون على التطويل والزيادة، وهو باطل. وهو إغفال من عجلة الناسخ وسبق قلمه.
(٢) غاب عني مكان الرجز. و " الشزيب " و " الشزبة "، ( بفتح فسكون )، من أسماء القوس، وهي التي ليست بجديد ولا خلق، كأنها شزب قضيبها، أي ذبل. و " الشدة "، ( بفتح الشين ) الحملة، يقال :" شد على العدو "، أي حمل.


الصفحة التالية
Icon