وَأَرْغَبُ فِيهَا عَنْ لَقِيطٍ وَرَهْطِهِ... وَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغَبُ (١)
يريد: وأرغب بها، يعنى بابنة له، (٢) عن لقيط، ولا أرغبُ بها عن قبيلتي.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم كانوا يَضَعُون أيديهم على أفواه الرّسل ردًّا عليهم قولَهم، وتكذيبًا لهم.
* * *
وقال آخرون: هذا مَثَلٌ، وإنما أُرِيد أنهم كفُّوا عَمَّا أُمروا بقَوْله من الحق، (٣) ولم يؤمنوا به ولم يسلموا. وقال: يقال لِلرَّجل إذا أمسَك عن الجواب فلم يجبْ: " ردّ يده في فمه ". وذكر بعضهم أن العرب تقول: " كلمت فلانًا في حاجة فرَدّ يدَه في فيه"، إذا سكت عنه فلم يجب. (٤)
* * *
قال أبو جعفر : وهذا أيضًا قول لا وَجْه له، لأن الله عزَّ ذكره، قد أخبر عنهم أنهم قالوا: " إنا كفرنا بما أرسلتم به"، فقد أجابوا بالتكذيب.
* * *
قال أبو جعفر:-
وأشبه هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل هذه الآية، القولُ الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود: أنهم ردُّوا أيديهم في أفواههم،

(١) اللسان ( فيا )، وسيأتي في التفسير ١٧ : ١٠٥ ( بولاق ) وأنشده في اللسان عن الفراء :
وأَرغبُ فيها عن عُبَيْدٍ ورَهْطِهِ ولكنْ بِهَا عن سِنْبسٍ لستُ أَرغَبُ
(٢) كان في المطبوعة :" يريد : وأرغب فيها، يعني أرغب بها عن لقيط "، لم يحسن قراءة المخطوطة لأن فيها " وأرغب فيها " مكان " وأرغب بها "، ولأنه كتبت " بابنت " بتاء مفتوحة، وغير منقوطة فضل، فتصرف، فأضل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(٣) في مجاز القرآن لأبي عبيدة " بقوله "، مكان " بقبوله " فأثبته، ولم أثبت ما في المخطوطة والمطبوعة، وما وافقهما في فتح الباري ( ٨ : ٢٨٥ )، لأن قول أبي جعفر بعد :
" لأن الله عز وجل قد أخبر عنهم أنهم قالوا "، دليل على صوابه.
(٤) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١ : ٣٣٦، ولكنه في المطبوع من مجاز القرآن مختصر جدًا، وكأن هذا الموضع من " مجاز القرآن " مضطرب وفيه خروم، كما أسلفت بيان ذلك في ص : ٥١٩ تعليق رقم : ٢.


الصفحة التالية
Icon