هكذا فِعْلي لمن خاف مَقامَه بين يديّ، وخاف وعيدي فاتَّقاني بطاعته، وتجنَّب سُخطي، أنصُرْه على ما أراد به سُوءًا وبَغَاه مكروهًا من أعدائي، أهلك عدوّه وأخْزيه، وأورثه أرضَه وديارَه.
* * *
وقال:( لمن خاف مَقَامي )، ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مَقَامه بين يديَّ بحيث أقيمه هُنالك للحساب، (١) كما قال:( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) [سورة الواقعة : ٨٢ ]، معناه: وتجعلون رِزقي إياكم أنّكُم تكذبون. وذلك أن العرب تُضيف أفعالها إلى أنفسها، وإلى ما أوقعت عليه، فتقول: "قد سُرِرتُ برؤيتك، وبرؤيتي إياك"، فكذلك ذلك.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره :﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها (٢) =( وخاب كل جبار عنيد )، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له.
* * *
و"العنيد" و"العاند" و"العَنُود"، بمعنى واحد. (٣)
* * *

(١) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ : ٣٣٧.
(٢) انظر تفسير " الاستفتاح " فيما سلف ٢ : ٢٥٤ / ١٠ : ٤٠٥، ٤٠٦، ومجاز القرآن ١ : ٣٣٧.
(٣) انظر تفسير " عنيد " فيما سلف ١٥ : ٣٦٦، ٣٦٧، ومجاز القرآن ١ : ٣٣٧.


الصفحة التالية
Icon