أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء، كما أمطرتها على قوم لوط، أو ائتنا بعذاب أليم. (١) قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود:( فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )[سورة الأعراف : ٧٠ ] قال: فالاستفتاح العذاب، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا ! حين سألوا الله أن ينزل عليهم، فقال:" بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار". (٢) فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة:( رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا ) عَذَابَنَا( قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) [سورة ص : ١٦ ]. وقرأ:( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ ) حتى بلغ:( وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [سورة العنكبوت : ٥٣ - ٥٥ ].
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره :﴿ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (١٧) ﴾
قال أبو جعفر : يقول عزّ ذكره:( من ورائه )، من أمام كل جَبار( جهنم )، يَرِدُونها.
* * *
و "وراء" في هذا الموضع، يعني أمام، كما يقال: "إن الموت مِنْ ورائك"، أي قُدّامك، وكما قال الشاعر: (٣)

(١) هذا من تأويل آية سورة الأنفال : ٣٢.
(٢) هو انتزاع من آية سورة إبراهيم : ٤٢.
(٣) هو جرير.


الصفحة التالية
Icon