وقال آخرون: نسخ ذلك بقوله في براءة:( اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) قالوا: وإنما قال:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) خبرًا من الله للمؤمنين أن لا يبدءوهم بقتال حتى يبدءوهم به، فقال:( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ).
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) قال: هذا خبر من الله نبيه أن يُقاتل من قاتله. قال: ثم نزلت براءة، وانسلاخ الأشهر الحرم، قال: فهذا من المنسوخ.
وقال آخرون: بل عنى الله تعالى بقوله:( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ ) نبيّ الله خاصة دون سائر أصحابه، فكان الأمر بالصبر له عزيمة من الله دونهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) قال: أمرهم الله أن يعفوا عن المشركين، فأسلم رجال لهم منعة، فقالوا: يا رسول الله، لو أذن الله لنا لانتصرنا من هؤلاء الكلاب، فنزل القرآن( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) واصبر أنت يا محمد، ولا تكن في ضيق ممن ينتصر، وما صبرك إلا بالله، ثم نسخ هذا وأمره بجهادهم، فهذا كله منسوخ.
وقال آخرون: لم يُعْنَ بهاتين الآيتين شيء مما ذكر هؤلاء، وإنما عُنِيَ بهما أن من ظُلِم بظُلامة، فلا يحلّ له أن ينال ممن ظلمه أكثر مما نال الظالم منه، وقالوا: الآية محكمة غير منسوخة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن خالد، عن ابن سيرين( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ) يقول: إن أخذ منك رجل شيئا، فخذ منه مثله.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، قال: إن أخذ منك شيئا فخذ منه مثله. قال الحسن: قال عبد الرزاق: قال سفيان: ويقولون: إن أخذ منك دينارًا فلا تأخذ منه


الصفحة التالية
Icon