القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (١٧) ﴾
يقول تعالى ذكره( وَتَرَى الشَّمْسَ ) يا محمد( إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ) يعني بقوله:( تَزَاوَرُ ) : تعدل وتميل، من الزور: وهو الْعَوج والميل، يقال منه: في هذه الأرض زَوَر: إذا كان فيها اعوجاج، وفي فلان عن فلان ازورار، إذا كان فيه عنه إعراض، ومنه قول بشر بن أبي خازم:
يَؤُمُّ بِها الحُدَاةُ مِياهَ نَخْلٍ... وفيها عَنْ أبانَين ازْوِرَارُ (١)
يعني: إعراضا وصدا.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء المدينة ومكة والبصرة: "تزَّاور" بتشديد الزاي، بمعنى: تتزاور بتاءين، ثم أدغم إحدى التاءين في الزاي، كما قيل: تظَّاهرون عليهم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين:(تَزَاوَرُ) بتخفيف التاء والزاي، كأنه عنى به تفاعل من الزور، ورُوي عن بعضهم: "تَزْوَرّ" بتخفيف التاء وتسكين الزاي وتشديد الراء مثل تحمرُّ، وبعضهم : تَزْوَارّ: مثل تحمارّ.
والصواب من القول في قراءه ذلك عندنا أن يقال: إنهما قراءتان، أعني(تَزَاوَرُ) بتخفيف الزاي، و
. وقال الأصمعي : أراد أبانا، فثناه للضرورة. ونخل، كما في معجم ما استعجم : على لفظ جمع نخلة، وقال يعقوب : هي قرية بواد يقال له شدخ، لفزارة وأشجع وأنمار وقريش والأنصار... على ليلتين من المدينة. أو هي ماء بين القصة والثاملية. ويؤم بها : يقصد بها بالإبل، والحداة : جمع حاد وهو سائق الإبل يحدو بها، ويغني لها. والازورار : الميل والعدول والإعراض عن الشيء، كما استشهد به المؤلف عند قوله تعالى: ( تزاور عن كهفهم ) أي تميل عنه وتنحرف.