أريوس ما يقول يمليخا قال: يا قوم لعلّ هذه آية من آيات الله جعلها لكم على يدي هذا الفتى، فانطلقوا بنا معه يرنا أصحابه، كما قال: فانطلق معه أريوس وأسطيوس، وانطلق معهم أهل المدينة كبيرهم وصغيرهم، نحو أصحاب الكهف لينظروا إليهم.
ولما رأى الفتية أصحاب الكهف يمليخا قد احتبس عليهم بطعامهم وشرابهم عن القدر الذي كان يأتي به، ظنوا أنه قد أُخِذ فذُهب به إلى ملكهم دَقْينوس الذي هربوا منه، فبينما هم يظنون ذلك ويتخوفونه، إذ سمعوا الأصوات وجلبة الخيل مصعدة نحوهم، فظنوا أنهم رُسل الجبار دقينوس بعث إليهم ليُؤْتي بهم، فقاموا حين سمعوا ذلك إلى الصلاة، وسلَّم بعضهم على بعض، وأوصى بعضهم بعضا، وقالوا: انطلقوا بنا نأت أخانا يمليخا، فإنه الآن بين يدي الجبار دقينوس ينتظر متى نأته، فبينما هم يقولون ذلك، وهم جلوس بين ظهراني الكهف، فلم يروا إلا أريوس وأصحابه وقوفا على باب الكهف، وسبقهم يمليخا، فدخل عليهم وهو يبكي، فلما رأوه يبكي بكوا معه، ثم سألوه عن شأنه، فأخبرهم خبره وقصّ عليهم النبأ كله، فعرفوا عند ذلك أنهم كانوا نياما بأمر الله ذلك الزمان كله، وإنما أوقظوا ليكونوا آية للناس، وتصديقا للبعث، وليعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيها، ثم دخل على إثر يمليخا أريوس، فرأى تابوتا من نحاس مختوما بخاتم من فضة، فقام بباب الكهف، ثم دعا رجالا من عظماء أهل المدينة، ففتح التابوت عندهم، فوجدوا فيه لوحين من رصاص، مكتوبا فيهما كتاب، فقرأهما فوجد فيهما (١) أن مكسلمينا، ومحسلمينا، ويمليخا، ومرطونس، وكسطونس، ويبورس، ويكرونس، ويطبيونس، وقالوش، كانوا فتية هربوا من ملكهم دقينوس الجبار، مخافة أن يفتنهم عن دينهم، فدخلوا هذا الكهف، فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف فسدّ عليهم بالحجارة، وإنا كتبنا شأنهم وقصة خبرهم، ليعلمه من بعدهم إن عثر عليهم. فلما قرءوه، عجبوا وحمدوا الله الذي أراهم آية للبعث فيهم، ثم رفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه، ثم دخلوا على

(١) في عدد هذه الأسماء، وضبطها، اختلاف كثير بين ناقليها. وهي في المخطوطة رقم ١٠٠ تفسير، غير منقوطة.


الصفحة التالية
Icon