وحدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن أبي حُصَين، عن عكرِمة مثله، إلا أنه قال:( أيُّهُ أكْثَرُ).
وقال آخرون: بل معناه: أيها أحلّ طعاما.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير:( أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا ) قال : أحلّ.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، مثله.
وقال آخرون: بل معناه: أيها خير طعاما.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله:( أَزْكَى طَعَامًا ) قال: خير طعاما.
وأولى الأقوال عندي في ذلك بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: أحلّ وأطهر، وذلك أنه لا معنى في اختيار الأكثر طعاما للشراء منه إلا بمعنى إذا كان أكثرهم طعاما، كان خليقا أن يكون الأفضل منه عنده أوجد، وإذا شرط على المأمور الشراء من صاحب الأفضل، فقد أمر بشراء الجيد، كان ما عند المشتري ذلك منه قليلا الجيد أو كثيرا، وإنما وجه من وجه تأويل أزكى إلى الأكثر، لأنه وجد العرب تقول: قد زكا مال فلان: إذا كثر، وكما قال الشاعر:
قَبائِلُنا سَبْعٌ وأنْتُمْ ثَلاثَةٌ... وَللسَّبْعُ أزْكَى مِن ثَلاثٍ وأطْيَبُ (١)
بمعنى: أكثر، وذلك وإن كان كذلك، فإن الحلال الجيد وإن قل، أكثر من الحرام الخبيث وإن كثر. وقيل:( فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا ) فأضيف إلى كناية المدينة، والمراد

(١) البيت للقتال الكلابي، أنشده سيبويه في ( الكتاب ٢: ١٨١ ) وهو من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن ١: ٢٣٧، ٣٩٧ ) قال في الموضع الثاني :"أيها ازكى طعاما " أي أكثر ؛ قال :* قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة *
البيت، وقال في الموضع الأول : ذكر ثلاثة، ذهب به إلى بطن، ثم أنثه ؛ لأنه ذهب به إلى قبيلة. قلت: والنحاة يجوزون في اسم العدد التذكير والتأنيث، إذا لم يذكر المعدود، وهذا شاهد عليه. وفي ( اللسان : زكا ) الزكاء ممدودا : النماء والريع. زكا يزكو زكاء وزكوا.


الصفحة التالية
Icon