عداته وخبره عما يحدث من الأمور التي لم يأته من الله بها تنزيل، فقال:(وَلا تَقُولَنَّ) يا محمد لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ) كما قلت لهؤلاء الذين سألوك عن أمر أصحاب الكهف، والمسائل التي سألوك عنها، سأخبركم عنها غدا( إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ). ومعنى الكلام: إلا أن تقول معه: إن شاء الله، فترك ذكر تقول اكتفاء بما ذكر منه، إذ كان في الكلام دلالة عليه، وكان بعض أهل العربية يقول: جائز أن يكون معنى قوله:( إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) استثناء من القول، لا من الفعل كأن معناه عنده: لا تقولنّ قولا إلا أن يشاء الله ذلك القول، وهذا وجه بعيد من المفهوم بالظاهر من التنزيل مع خلافه تأويل أهل التأويل.
وقوله:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: واستثن في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت ذلك في حال اليمين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن هارون الحربيّ، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا هشيم، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في الرجل يحلف، قال له: أن يستثني ولو إلى سنة، وكان يقول( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) في ذلك قيل للأعمش سمعته من مجاهد، فقال: ثني به ليث بن أبي سليم، يرى ذهب كسائي (١) هذا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) الاستثناء، ثم ذكرت فاستثن.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، في قوله:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) قال: بلغني أن الحسن، قال: إذا ذكر أنه لم يقل: إن شاء الله، فليقل: إن شاء الله.
وقال آخرون: معناه: واذكر ربك إذا عصيت.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني نصر بن عبد الرحمن، قال: ثنا حكام بن سلم، عن أبي سنان، عن ثابت، عن عكرمة، في قول الله:( وَاذْكُرْ رَبَّكَ

(١) قوله "يرى: ذهب الكسائي هذا " هكذا جاءت هذه العبارة في الجزء الخامس عشر من النسخة المخطوطة رقم ١٠٠ الورقة ٤١١ والعبارة غامضة، ولعل فيها تحريفا.


الصفحة التالية
Icon