فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ) يعني: الملائكة: يقول: لو فتحتُ على المشركين بابا من السماء، فنظروا إلى الملائكة تعرج بين السماء والأرض، لقال المشركون( نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ) سحرنا وليس هذا بالحقّ. ألا ترى أنهم قالوا قبل هذه الآية( لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ).
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمر، عن نصر، عن الضحاك، في قوله( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ) قال: لو أني فتحت بابا من السماء تعرج فيه الملائكة بين السماء والأرض، لقال المشركون( بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ) إلا ترى أنهم قالوا( لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ).
وقال آخرون: إنما عُني بذلك: بنو آدم.
ومعنى الكلام عندهم: ولو فتحنا على هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بابا من السماء فظلوا هم فيه يعرجون( لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ).
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ) قال قتادة، كان الحسن يقول: لو فعل هذا ببني آدم فظلوا فيه يعرجون أي يختلفون( لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ).
وأما قوله(يَعْرُجُونَ) فإن معناه: يرقَوْن فيه ويَصْعَدون، يقال منه: عرج يعرُج عُروجا إذا رَقَى وصَعَد، وواحدة المعارج: معرج ومعراج، ومنه قول كثير:
إلى حَسَبٍ عَوْدٍ بَنا الْمرءَ قبْلَهُ... أبُوهُ لَهُ فِيه مَعارِجَ سُلَّمِ (١)
وقد حُكي عرِج يعرج بكسر الراء في الاستقبال. وقوله( لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ) يقول: لقال هؤلاء المشركون الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم:

(١) لم أجد البيت في ديوان كثير طبع الجزائر، والحسب : الشرف الثابت في الآباء، والعود : القديم، وبنا ( بالألف)، بينو لأنه من بناء الشرف والمجد، والمعارج : جمع معرج ( بكسر الميم وفتحها ) وهو ما يعرج فيه، أي يصعد.


الصفحة التالية
Icon