وَقَفْتُ على رَسْمٍ لِمَيَّةَ ناقَتِي... فَمَا زِلْتُ أبْكي عِنْدَهُ وأُخاطِبُهْ... وأُسْقِيهِ حتى كادَ مِمَّا أبُثُّهُ... تُكَلِّمُني أحْجارُهُ ومَلاعِبُهْ (١)
وكذلك إذا وهبت لرجل إهابا ليجعله سقاء، قلت: أسقيته إياه.
وقوله( وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ) يقول: ولستم بخازني الماء الذي أنزلنا من السماء فأسقيناكموه. فتمنعوه من أسقيه، لأن ذلك بيدي وإليّ، أسقيه من أشاء وأمنعه من أشاء.
كما حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال سفيان:( وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ) قال: بمانعين.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥) ﴾
يقول تعالى ذكره:( وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي ) من كان ميتا إذا أردنا(ونُمِيتُ) من كان حيا إذا شئنا( وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ) يقول: ونحن نرث الأرض ومن عليها بأن نميت جميعهم، فلا يبقى حيّ سوانا إذا جاء ذلك الأجل. وقوله( وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولقد علمنا من مضى من الأمم، فتقدّم هلاكهم، ومن قد خلق وهو حيّ، ومن لم يخلق بعدُ ممن سيخلق.

(١) البيتان في ديوان ذي الرمة ( طبعة كيمبردج سنة ١٩١٩ ص ٣٨ ) وأسقيه : أدعو له بالسقيا، أقول : سقاك الله، وأبثه : أشكو إليه. وقد استشهد بهذين البيتين أبو عبيدة في مجاز القرآن ( ١ : ٣٥٠ ) على أن يقال : سقيت الرجل ماء وشرابا من لبن وغير ذلك، وليس فيه إلا لغة واحدة بغير ألف، إذا كان في الشفة، وإذا جعلت له شربا ( بكسر الشين، أي ماء لشرب دوابه ) فهو أسقيته وأسقيت أرضه وإبله، لا يكون غير هذا، وكذلك إذا استسقيت له كقول ذي الرمة... البيتين وهو قريب من كلام المؤلف هنا.


الصفحة التالية
Icon