قوله( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ) قال: لا يريد رياء.
حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: رغب زكريا في الولد، فقام فصلى، ثم دعا ربه سرّا، فقال:( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ).... إلى( وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) وقوله:( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) يقول تعالى ذكره، فكان نداؤه الخفي الذي نادى به ربه أن قال:( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) يعني بقوله(وَهَنَ) ضعف ورقّ من الكبر.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) أي ضعف العظم مني.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:( وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ) قال: نحل العظم. قال عبد الرزاق، قال: الثوري: وبلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة.
وقد اختلف أهل العربية في وجه النصب في الشَّيْب، فقال بعض نحويي البصرة: نصب على المصدر من معنى الكلام، كأنه حين قال: اشتعل، قال: شاب، فقال: شَيْبا على المصدر. قال: وليس هو في معنى: تفقأت شحما وامتلأت ماء، لأن ذلك ليس بمصدر. وقال غيره : نصب الشيب على التفسير، لأنه يقال: اشتعل شيب رأسي، واشتعل رأسي شيبا، كما يقال: تفقأت شحما، وتفقأ شحمي.
وقوله:( وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) يقول: ولم أشق يا رب بدعائك، لأنك لم تخيب دعائي قبل إذ كنت أدعوك في حاجتي إليك، بل كنت تجيب وتقضي حاجتي قبلك.
كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج عن ابن جريج، قوله:( وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) يقول: قد كنت تعرّفني الإجابة فيما مضى.
القول في تأويل قوله تعالى :{ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ


الصفحة التالية
Icon