والوليّ في كلام العرب واحد. وقرأت قراء الأمصار( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ ) بمعنى: الخوف الذي هو خوف الأمن. وروي عن عثمان بن عفان أنه قرأه :( وإنّي خَفَّتِ المَوَالي) بتشديد الفاء وفتح الخاء من الخفة، كأنه وجه تأويل الكلام: وإني ذهبت عصبتي ومن يرثني من بني أعمامي. وإذا قرئ ذلك كذلك كانت الياء من الموالي مسكنة غير متحركة، لأنها تكون في موضع رفع بخفت.
وقوله( وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا ) يقول: وكانت زوجتي لا تلد، يقال منه: رجل عاقر، وامرأة عاقر بلفظ واحد، كما قال الشاعر:
لَبِئسَ الفَتى أنْ كُنْتُ أعْوَرَ عاقِرً ا... جبَانا فَمَا عُذْرِي لَدَى كُلّ مَحْضَرِ (١)
وقوله( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ) يقول: فارزقني من عندك ولدا وارثا ومعينا.
وقوله:( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) يقول: يرثني من بعد وفاتي مالي، ويرث من آل يعقوب النبوة، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن أبي صالح، قوله( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) يقول: يرث مالي، ويرث من آل يعقوب النبوّة.
حدثنا مجاهد، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا إسماعيل، عن أبي صالح في قوله( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) قال: يرث مالي، ويرث من آل يعقوب النبوّة.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) قال: يرثني مالي، ويرث من آل يعقوب النبوّة.

(١) البيت في ديوان عامر بن الطفيل، طبعة ليدن سنة ١٩١٣. والرواية فيه " فبئس " في مكان :" لبئس " وفي اللسان : العاقر التي لا تحمل، ورجل عاقر : لا يولد له، ونساء عقر، بضم العين وتشديد القاف المفتوحة. وقد استشهد به المؤلف على معنى العاقر، في سورة آل عمران ( ٣ : ٢٥٧ ) وأعاده في هذا الموضع، ومحل الاستشهاد في الموضعين واحد.


الصفحة التالية
Icon