لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ... مِنِّي ذي القاذُوَرةِ المَقْلِيّ (١)
يقال منه: قصا المكان يقصو قصوا : إذا تباعد، وأقصيت الشيء: إذا أبعدته وأخَّرته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله( فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ) قال: مكانا نائيا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله( مَكَانًا قَصِيًّا ) قال: قاصيا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدّي، قال: لما بلغ أن تضع مريم، خرجت إلى جانب المحراب الشرقي منه فأتت أقصاه.
وقوله( فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ ) يقول تعالى ذكره: فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة، ثم قيل: لما أسقطت الباء منه أجاءها، كما يقال: أتيتك بزيد، فإذا حذفت الباء قيل آتيتك زيدا، كما قال جل ثناؤه( آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ) والمعنى: بزُبَر الحديد، ولكن الألف مدت لما حذفت الباء، وكما قالوا: خرجت به وأخرجته، وذهبت به وأذهبته، وإنما هو أفعل من المجيء،

(١) البيتان لرؤبة ابن العجاج الراجز ( انظر فوائد القلائد في مختصر الشواهد للعيني ص ١١٥ - ١١٦ ) وبعدهما بيتان آخران وهما :
أو تحلفي بربك العلي أنى أبو ذيا لك الصبي
ومقعد القصي : إما مفعول مطلق. على أن يكون المقعد بمعنى القعود أو على أنه مفعول فيه، أي في مقعد القصي، أي البعيد، من قصا المكان يقصو : إذا بعد. ويقال رجل قاذورة : أي لا يخالط الناس، لسوء خلقه. والمقلي المبغض من قلاه يقليه قلى بالكسر. وهما صفتان للقصي. وفي ( لسان العرب : قصا ) قصا عنه قصوا، وقصوا وقصا وقصاء، وقصي ( بكسر الصاد ) : بعد وقصا المكان يقصو قصوا ( على فعول ) : بعد. والقصي والقاصي : البعيد، والجمع : أقصاء فيهما، كشاهد وأشهاد، ونصير وأنصار.


الصفحة التالية
Icon