وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهزّي إليك بالنخلة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، قال: قال مجاهد( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) قال: النخلة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عيسى بن ميمون، عن مجاهد، في قوله( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) قال: العجوة.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عمرو بن ميمون، أنه تلا هذه الآية:( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ) قال: فقال عمرو: ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، وأدخلت الباء في قوله:( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) كما يقال: زوجتك فلانة، وزوّجتك بفلانة; وكما قال( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) بمعنى: تنبت الدهن.
وإنما تفعل العرب ذلك، لأن الأفعال تكنى عنها بالباء، فيقال إذا كنيت عن ضربت عمرا: فعلت به، وكذلك كلّ فعل، فلذلك تدخل الباء في الأفعال وتخرج، فيكون دخولها وخروجها بمعنى، فمعنى الكلام: وهزِّي إليك جذع النخلة، وقد كان لو أن المفسرين كانوا فسروه وكذلك: وهزِّي إليك رطبًا بجذع النخلة، بمعنى: على جذع النخلة، وجها صحيحا، ولكن لست أحفظ عن أحد أنه فسره كذلك. ومن الشاهد على دخول الباء في موضع دخولها وخروجها منه سواء قول الشاعر:
بِوَادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ السِّدْرَ صَدْرُهُ... وأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبَهانِ (١)

(١) في ( اللسان : سدر ) السدر : شجر النبق، واحدتها سدرة... والمرخ : شجر كثير الورى سريعه.. وفي ( اللسان : شبه ) الشبهان : نبت يشبه الثمام، ويقال له الشبهان. قال ابن سيده : والشبهان ( بالتحريك ) والشبهان ( بضمتين ) : ضرب من العضاه ؛ وقيل : هو الثمام، يمانية، حكاها ابن دريد. قال رجل من عبد القيس * بواد يمان ينبت الشث صدره *
... البيت. قال ابن بري قال أبو عبيدة : البيت للأحول اليشكري. واسمه يعلى. قال : وتقديره : وينبت أسفله المرخ. على أن تكون الباء زائدة.
وإن شئت قدرته : وينبت أسفله بالمرخ، فتكون الباء للتعدية. لما قدرت الفعل ثلاثيا. وفي الصحاح : الشبهان : هو الثمام من الرياحين. و ( في اللسان : شث ) الشث : ضرب من الشجر عن ابن دريد، وأنشد البيت :* بواد يمان ينبت الشث فرعه *
إلخ. وقيل : الشث : شجر طيب الريح، مر الطعم، يدبغ به. قال أبو الدقيش : وينبت في جبال الغور وتهامة ونجد. والبيت شاهد على أن الباء في قوله " بالمرخ " زائدة، دخولها كخروجها وهي مثل الباء في قوله تعالى :( وهزي إليك بجذع النخلة ). قال في ( اللسان : هز ) الهز : تحريك الشيء، كما تهز القناة، فتضطرب وتهز. وهزه يهزه هزا وهز به، وفي التنزيل العزيز :( وهزي إليك بجذع النخلة ) أي حركي. والعرب تقول : هزه وهز به إذا حركه. ومثله : خذ الخطام، وخذ بالخطام، وتعلق زيدا وتعلق بزيد. قال ابن سيده : وإنما عداه بالباء، لأن في هزي معنى جري، ( أمر من الجر ).


الصفحة التالية
Icon