إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) فادعواه وعظاه ليتذكر أو يخشى، كما يقول القائل: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، بمعنى: لتأخذ أجرك، وافرغ من عملك لعلنا نتغدَّى، بمعنى: لنتغدى، أو حتى نتغدى، ولكلا هذين القولين وجه حسن، ومذهب صحيح.
وقوله( قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) يقول تعالى ذكره: قال موسى وهارون: ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه، أن يعجل علينا بالعقوبة، وهو من قولهم: فرط مني إلى فلان أمر: إذا سبق منه ذلك إليه، ومنه: فارط القوم، وهو المتعجل المتقدّم أمامهم إلى الماء أو المنزل كما قال الراجز:
قَدْ فَرَط العِلْجُ عَلَيْنَا وَعَجِلْ (١)
وأما الإفراط: فهو الإسراف والإشطاط والتعدّي، يقال منه: أفرطت في قولك: إذا أسرف فيه وتعدّى.
وأما التفريط: فإنه التواني، يقال منه: فرطت في هذا الأمر حتى فات: إذا توانى فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد( أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) قال: عقوبة منه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ) قال: نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك، يفرط ويعجل. وقرأ( لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ).

(١) في ( اللسان : فرط ) عليه يفرط : عجل عليه وعدى وأذاه. وقال الفراء في قوله تعالى :( إننا نخاف أن يفرط علينا ) قال : يعجل إلى عقوبتنا. والعلج : الرجل القوي الضخم. ولم أعرف قائل الرجز.


الصفحة التالية
Icon