والنيران. والذين أشركوا: يعبدون الأوثان. والأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن. وأدخلت "إن" في خبر "إن" الأولى لما ذكرت من المعنى، وأن الكلام بمعنى الجزاء، كأنه قيل: من كان على دين من هذه الأديان، ففصل ما بينه وبين من خالفه على الله والعرب تدخل أحيانا في خبر "إن" "إن" إذا كان خبر الاسم الأوّل في اسم مضاف إلى ذكره، فتقول: إن عبد الله إن الخير عنده لكثير، كما قال الشاعر.
إنَّ الخَلِيفَةَ إن اللهَ سَرْبَلَهُ... سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الخَوَاتِيمُ (١)
وكان الفرّاء يقول: من قال هذا لم يقل: إنك إنك قائم، ولا إن إياك إنه قائم، لأن الاسمين قد اختلفا، فحسن رفض الأوّل، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ، فحسن للاختلاف وقبح للاتفاق.
وقوله:( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) يقول: إن الله على كل شيء من أعمال هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله جلّ ثناؤه، وغير ذلك من الأشياء كلها شهيد لا يخفى عنه شيء من ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ﴾

(١) البيت لجرير ( ديوانه طبعة الصاوي، ص ٥٢٧ ) وهو من قصيدة يمدح بها بعض بني مروان وفي روايته :" يكفي " في موضع " إن " الأولى. وتزجى، في موضع ترجى. قال شارح شواهد الكشاف : خاتم الشيء : عاقبته. وتزجى أي تساق خواتيم الإمارة، والخاتم بفتح التاء وكسرها، يقال أزجيت الإبل أي سقتها. والبيت شاهد عند قوله تعالى :( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين..... إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ ) أدخلت إن على كل واحد من جزأي الجملة، لزيادة التأكيد. وحسن دخول إن الثانية على الجملة الواقعة خبرا، طول الفصل بينهما بالمعاطيف. والمؤلف ساق البيت شاهدا على أنه نظير ما في الآية من دخول إن الثانية على جملة الخبر إذا كان فيه ضمير. ويجوز في البيت وجه آخر، وهو أن تكون جملة إن الله سربله سربال ملك، جملة معترضة بين اسم إن وخبرها، ولا يجوز ذلك في الآية، قاله أبو حيان، ونقله عن شارح شواهد الكشاف. أه. والسربال : القميص والدرع. والمراد هنا الأول.


الصفحة التالية
Icon