وقوله:( فَكُلُوا مِنْها ) يقول: كلوا من بهائم الأنعام التي ذكرتم اسم الله عليها أيها الناس هنالك. وهذا الأمر من الله جلّ ثناؤه أمر إباحة لا أمر إيجاب، وذلك أنه لا خلاف بين جميع الحُجة أن ذابح هديه أو بدنته هنالك، إن لم يأكل من هديه أو بدنته، أنه لم يضيع له فرضا كان واحبا عليه، فكان معلوما بذلك أنه غير واجب.
*ذكر الرواية عن بعض من قال ذلك من أهل العلم:- حدثنا سوار بن عبد الله، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، قوله:( فَكُلُوا مِنْها وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ ) قال: كان لا يرى الأكلّ منها واجبا.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن مجاهد، أنه قال: هي رخصة: إن شاء أكل، وإن شاء لم يأكل، وهي كقوله:( وَإذَا حَلَلْتُمْ فاصْطادُوا )( فإذَا قُضِيَت الصَّلاة فانْتَشرُوا فِي الأرْضِ ) يعني قوله:(فَكُلُوا مِنْها وأطْمِعُوا القانِعَ والمُعْتَرّ ).
قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، في قوله:( فَكُلُوا مِنْها ) قال: هي رخصة، فإن شاء أكل وإن شاء لم يأكل.
قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء في قوله:( فَكُلُوا مِنْها ) قال: هي رخصة، فإن شاء لم وإن شاء لم يأكل.
حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد، قال: ثنا سفيان، عن حصين، عن مجاهد، في قوله:( فَكُلُوا مِنْها ) قال: إنما هي رخصة.
وقوله:( وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقِيرَ ) يقول:
وأطعموا مما تذبحون أو تنحرون هنالك من بهيمة الأنعام من هديكم وبُدنكم البائس، وهو الذي به ضرّ الجوع والزمانة والحاجة، والفقير: الذي لا شيء له.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( فَكُلُوا مِنْها وأطْعِمُوا البائِسَ الفَقِيرَ ) يعني: الزَّمِن الفقير.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن رجل،