ذلك وتميز بينه وبين الباطل. وقوله:( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ ) يقول: فإنها لا تعمى أبصارهم أن يبصروا بها الأشخاص ويروها، بل يبصرون ذلك بأبصارهم; ولكن تعمى قلوبهم التي في صدورهم عن أنصار الحق ومعرفته.
والهاء في قوله:( فَإِنَّهَا لا تَعْمَى ) هاء عماد، كقول القائل: إنه عبد الله قائم.
وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: "فإنَّهُ لا تَعْمَى الأبْصَارُ". وقيل:( وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) والقلوب لا تكون إلا في الصدور، توكيدا للكلام، كما قيل:( يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ).
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: ويستعجلونك يا محمد مشركو قومك بما تعدهم من عذاب الله على شركهم به وتكذيبهم إياك فيما أتيتهم به من عند الله في الدنيا، ولن يخلف الله وعده الذي وعدك فيهم من إحلال عذابه ونقمته بهم في عاجل الدنيا. ففعل ذلك، ووفى لهم بما وعدهم، فقتلهم يوم بدر.
واختلف أهل التأويل في اليوم الذي قال جلّ ثناؤه:( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) أي يوم هو؟ فقال بعضهم: هو من الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس:( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) قال: من الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، في قوله:( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ )... الآية، قال: هي مثل قوله في "الم تنزيل" سواء، هو هو الآية.
وقال آخرون: بل هو من أيام الآخرة.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن سماك، عن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: مقدار الحساب يوم القيامة ألف