حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ) قال: مثل هداه في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار، فإذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوء، كذلك يكون قلب المؤمن، يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم ازداد هدى على هدى، ونورا على نور، كما قال إبراهيم صلوات الله عليه قبل أن تجيئه المعرفة:( قَالَ هَذَا رَبِّي ) حين رأى الكوكب من غير أن يخبره أحد أن له ربا، فلما أخبره الله أنه ربه ازداد هدى على هدى.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) وذلك أن اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: كيف يخلص نور الله من دون السماء؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره، فقال:( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) والمشكاة: كوّة (١) البيت فيها مصباح،( الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) والمصباح: السراج يكون في الزجاجة، وهو مثل ضربه الله لطاعته، فسمى طاعته نورا وسماها أنواعا شتى.
قوله:( يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ) قال: هي شجرة لا يفيء عليها ظلّ شرق ولا ظلّ غرب، ضاحية، ذلك أصفى للزيت (٢) ( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ) قال معمر، وقال الحسن: ليست من شجر الدنيا، ليست شرقية ولا غربية.
وقال آخرون: هو مثل للمؤمن، غير أن المصباح وما فيه مثل لفؤاده، والمشكاة مثل لجوفه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال مجاهد وابن عباس جميعا: المصباح وما فيه مثل فؤاد المؤمن وجوفه، المصباح: مثل الفؤاد، والكوّة: مثل الجوف.
قال ابن جُرَيج( كَمِشْكَاةٍ ) : كوة غير نافذة. قال ابن جُرَيج، وقال ابن عباس:

(١) الكوة : بفتح الكاف، والضم لغة (اللسان).
(٢) في الأصل : الزيت، بدون لام قبلها، وأظنه، محرفًا، عما أثبتناه.


الصفحة التالية
Icon