حَنَّتْ إلى نَخْلَةَ القُصْوَى فَقُلْتُ لَهَا... حِجْرٌ حَرَامٌ ألا تِلْكَ الدَّهاريسُ (١)
ومنه قولهم: حجر القاضي على فلان، وحجر فلان على أهله; ومنه حجر الكعبة، لأنه لا يدخل إليه في الطواف، وإنما يطاف من ورائه; ومنه قول الآخر.
فَهَمَمْتُ أنْ أَلْقَى إلَيْها مَحْجَرًا... فَلَمِثْلُهَا يُلْقَى إلَيْهِ المَحْجَرُ (٢)
أي مثلها يُركب منه المُحْرَمُ.
واختلف أهل التأويل في المخبر عنهم بقوله:( وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) ومن قائلوه؟ فقال بعضهم: قائلو ذلك الملائكة للمجرمين نحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، وسأله رجل عن قول الله( وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) قال: تقول الملائكة: حراما محرما أن تكون لكم البُشرى.
حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: ثني أبي، عن جدي، عن الحسن، عن قتادة( وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) قال: هي كلمة كانت العرب تقولها، كان الرجل إذا نزل به شدّة قال: حجرا، يقول: حراما محرّما.

(١) البيت للمتلمس جرير بن عبد المسيح (عن معجم ما استعجم لأبي عبيد البكري : رسم نخلة).. وحنت : اشتاقت. وفي (اللسان : دهرس) : حجت. ونخلة القصوى : موضع على ليلة من مكة. وقيل: هما نخلة الشامية ونخلة اليمانية ؛ فالشامية واد ينصب من الغمير. واليمانية : واد ينصب من بطن قرن المنازل، وهو طريق اليمن إلى مكة. وحجر : مثلث الحاء بمعنى حرام، وفي المعجم البكري : بسل عليك، وهو الحرام أيضًا. والدهاريس جمع دهرس، مثلث الدال، وهي الداهية (عن اللسان ). والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ١٦٧ من مصورة الجامعة رقم ٢٦٠٥٩) وعنه أخذه المؤلف
(٢) البيت لحميد بن ثور الهلالي ( اللسان : حجر. والديوان طبعة دار الكتب المصرية ص ٨٤). وفي رواية الديوان واللسان : أغشى في موضع ألقى. والمحجر : الحرام. قال في اللسان : لمثلها يؤتى إليه الحرام. وقبل البيت ثلاثة أبيات وهي :
لَمْ أَلْقَ عَمْرَةَ بَعْدَ إذْ هِيَ نَاشِئٌ خَرَجَتْ مُعَطَّفَةً عَلَيْهَا مئْزَرُ
بَرَزَتْ عَقِيلَةَ أَرْبَع هَادَيْنَهَا بِيضِ الوُجُوهِ كأنهُنَّ الْعُنْقَرُ
ذَهَبَتْ بِعَقْلِكَ رَيطَةٌ مَطْوِيَّةٌ وَهِيَ التي تُهْدَي بِهَا لَوْ تَشْعُرُ
والبيت شاهد على أنت المحجر الحرام. وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة ٢٢٤ من مصورة الجامعة ٢٤٠٥٩) : ألقى : من لقيت أي مثلها يركب منه المحرم. وعنه أخذ المؤلف


الصفحة التالية
Icon