ومقاما. وإذا ضمت الميم من المقام فهو من الإقامة، وإذا فتحت فهو من قمت، ويقال: المقام إذا فتحت الميم أيضا هو المجلس، ومن المُقام بضمّ الميم بمعنى الإقامة، قول سلامة بن جندل:
يَوْمانِ: يَوْمُ مُقَاماتٍ وأَنْدِيَةٍ... وَيَوْمُ سَيْرٍ إلى الأعْداءِ تَأوِيبَ (١)
ومن المُقام الذي بمعنى المجلس، قول عباس بن مرداس:
فأيِّي ما وأيُّكَ كانَ شَرًّا... فقِيدَ إلى المَقَامَة لا يَرَاها (٢)
يعني: المجلس.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: والذين إذا أنفقوا أموالهم لم يسرفوا في إنفاقها.
ثم اختلف أهل التأويل في النفقة التي عناها الله في هذا الموضع، وما الإسراف فيها والإقتار. فقال بعضهم: الإسراف ما كان من نفقة في معصية الله وإن قلت: قال: وإياها عني الله، وسماها إسرافا. قالوا: والإقتار: المنع من حقّ الله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ) قال: هم المؤمنون لا يسرفون فينفقون في معصية الله، ولا يُقترون فيمنعون حقوق الله تعالى.
(٢) البيت لعباس بن مرداس، أنشده ابن بري في ( اللسان : قوم ) وهو شاهد على أن المقام والمقامة، بفتح الميم : المجلس. وقال البغدادي في الخزانة ( ٢ : ٢٣٠ ) يدعو على الشر منهما، أي من كان منا شرَّا أعماه الله في الدنيا، فلا يبصر حتى يقاد إلى مجلسه. وقال شارح اللباب : أي قيد إلى مواضع إقامة الناس وجمعهم في العرصات لا يراها، أي قيد أعمى لا يرى المقامة. والبيت من جملة أبيات للعباس بن مرداس السلمي، قالها لخفاف بن ندبه في أمر شجر بينهما.