انصرفت. وقصصت عليه ما قالت المرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما قُلْت لَهَا؟ قال: قلت لها: لا والله، ولا نعمت العين ولا كرامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بِئسَ مَا قُلتَ، أمَا كُنْتَ تَقْرَأ هذِهِ الآية( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ )... الآية( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا ) فقال أبو هريرة: فخرجت، فلم أترك بالمدينة حصنا ولا دارًا إلا وقفت عليه، فقلت: إن تكن فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة الليلة، فلتأتني ولتبشر; فلما صليت مع النبيّ ﷺ العشاء، فإذا هي عند بابي، فقلت: أبشري، فإني دخلت على النبيّ، فذكرت له ما قلت لي، وما قلت لك، فقال: وبئس ما قلت لها، أما كنت تقرأ هذه الآية؟ فقرأتها عليها، فخرّت ساجدة، فقالت: الحمد لله الذي جعل مخرجًا وتوبة مما عملت، إن هذه الجارية وابنها حرَّان لوجه الله، وإني قد تبت مما عملت".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، قال: اختلفت إلى ابن عباس ثلاث عشرة سنة، فما شيء من القرآن إلا سألته عنه، ورسولي يختلف إلى عائشة، فما سمعته ولا سمعت أحدا من العلماء يقول: إن الله يقول لذنب: لا أغفره.
وقال آخرون: هذه الآية منسوخة بالتي في النساء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني المغيرة بن عبد الرحمن الحراني، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد أنه دخل على أبيه وعنده رجل من أهل العراق، وهو يسأله عن هذه الآية التي في تبارك الفرقان، والتي في النساء( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) فقال زيد بن ثابت: قد عرفت الناسخة من المنسوخة، نسختها التي في النساء بعدها بستة أشهر.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال الضحاك بن مزاحم: هذه السورة بينها وبين النساء( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ) ثمان حجج. وقال ابن جُرَيج: وأخبرني القاسم بن أبي بزة أنه سأل سعيد بن جُبير: هل لمن قتل مؤمنا متعمدا توبة؟ فقال: لا فقرأ عليه هذه الآية كلها، فقال سعيد بن جُبير: