(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: وأنجينا من نقمتنا وعذابنا الذي أحللناه بثمود رسولنا صالحا والمؤمنين به.(وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) يقول: وكانوا يتقون بإيمانهم، وبتصديقهم صالحا الذي حل بقومهم من ثمود ما حلّ بهم من عذاب الله، فكذلك ننجيك يا محمد وأتباعك، عند إحلالنا عقوبتنا بمشركي قومك من بين أظهرهم.
وذكر أن صالحا لما أحلّ الله بقومه ما أحلّ، خرج هو والمؤمنون به إلى الشام، فنزل رملة فلسطين.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) ﴾
يقول تعالى ذكره: وأرسلنا لوطا إلى قومه، إذ قال لهم: يا قوم(أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) أنها فاحشة؛ لعلمكم بأنه لم يسبقكم إلى ما تفعلون من ذلك أحد. وقوله:(أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً ) منكم بذلك من دون فروج النساء التي أباحها الله لكم بالنكاح. وقوله:(بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) يقول: ما ذلك منكم إلا أنكم قوم سفهاء جهلة بعظيم حقّ الله عليكم، فخالفتم لذلك أمره، وعصيتم رسوله.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) ﴾
يقول تعالى ذكره: فلم يكن لقوم لوط جواب له، إذ نهاهم عما أمره الله بنهيهم عنه من إتيان الرجال، إلا قيل بعضهم لبعض:(أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) عما نفعله نحن من إتيان الذكران في أدبارهم.
كما حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: سمعت الحسن بن عُمارة يذكر عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله:(أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) قال: من إتيان الرجال والنساء في أدبارهن.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله:(إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) قال: من أدبار الرجال وأدبار النساء استهزاء بهم.


الصفحة التالية
Icon