ثم قالوا لقوم سِفلة جهال: هذا من عند الله. وقال: قد أخبر أنهم يكتبون بأيديهم، ثم سماهم أميين، لجحودهم كتب الله ورسله. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم، وذلك أن"الأمي" عند العرب: هو الذي لا يكتب.
* * *
قال أبو جعفر: وأرى أنه قيل للأمي"أمي"؛ نسبة له بأنه لا يكتب إلى"أمه"، لأن الكتاب كان في الرجال دون النساء، فنسب من لا يكتب ولا يخط من الرجال -إلى أمه- في جهله بالكتابة، دون أبيه، كما ذكرنا عن النبي ﷺ من قوله:"إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب"، وكما قال:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) [ الجمعة: ٢]. (٢) فإذا كان معنى"الأمي" في كلام العرب ما وصفنا، فالذي هو أولى بتأويل الآية ما قاله النخعي، من أن معنى قوله:(ومنهم أميون): ومنهم من لا يحسن أن يكتب.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله:(لا يعلمون الكتاب)، لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزله الله، ولا يدرون ما أودعه الله من حدوده وأحكامه وفرائضه، كهيئة البهائم، كالذي:-
١٣٥٩ - حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا
(٢) اقتصر في المطبوعة على قوله :"رسولا منهم"، وأتممت الآية، لأنه يستدل بها على أنه جاء يعلم الأمين"الكتاب".