وجه الخطاب؛ وتبتدئ أحيانا على وجه الخطاب، ثم تعود إلى الإخبار على وجه الخبر عن الغائب، لما في الحكاية من المعنيين، (١) كما قال الشاعر: (٢)
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة... لدينا ولا مَقْلِيَّةً إن تَقَلَّت (٣)
يعني: تقليت.
* * *
وأما"الحسن" فإن القَرَأَة اختلفت في قراءته. (٤) فقرأته عامة قَرَأَة الكوفة غير عاصم:(وقولوا للناس حَسَنا) بفتح الحاء والسين. وقرأته عامة قراء المدينة:(حُسْنا) بضم الحاء وتسكين السين. وقد روي عن بعض القَرَأَة أنه كان يقرأ: "وقولوا للناس " حُسْنَى " على مثال "فُعلى".
* * *
واختلف أهل العربية في فرق ما بين معنى قوله: "حُسْنا" و"حَسَنا". فقال بعض البصريين: هو على أحد وجهين: إما أن يكون يراد بـ"الحَسَن" "الحُسن" وكلاهما لغة، كما يقال: "البُخل و البَخَل"، وإما أن يكون جعل "الحُسن" هو "الحَسن" في التشبيه. وذلك أن الحُسن "مصدر" و "الحَسن" هو الشيء الحسن. ويكون ذلك حينئذ كقولك:"إنما أنت أكل وشرب"، وكما قال الشاعر: (٥)
وخيل قد دلفت لها بخيل... تحية بينهم ضرب وجيع (٦)

(١) انظر ما سلف ١ : ١٥٣ - ١٥٤، وسيأتي في هذا الجزء ٢ : ٣٥٧.
(٢) هو كثير عزة.
(٣) ديوانه ١: ٥٣ من قصيدته المشهورة. قلاه يقليه قلى فهو مقلي: كرهه وأبغضه. وتقلى تبغض، أي استعمل من الفعل أو القول ما يدعو إلى بغضه.
(٤) في المطبوعة :"فإن القراء"، ورددته إلى ما مضى عليه أبو جعفر في عبارته، كما سلف مرارا.
(٥) يقال هو : عمرو بن معد يكرب الزبيدي. (الخزانة ٤ : ٥٦)، وليس في قصيدته التي على هذا الوزن في الأصمعيات : ٤٣، ولكنه أتى في نوادر أبي زيد : ١٤٩ - ١٥٠ أنه لعمرو بن معد يكرب. فكأنه له، وكأنه سقط من رواية الأصمعي، وهو في رواية غيره.
(٦) نوادر أبي زيد : ١٥٠، وسيبويه ١ : ٣٦٥، ٤٢٩ والخزانة ٤ : ٥٣. وغيرها.


الصفحة التالية
Icon