(١)
وقد قيل: إن"البرية" إنما لم تهمز لأنها"فعيلة" من"البَرَى"، والبَرَى: التراب. فكأن تأويله على قول من تأوله كذلك أنه مخلوق من التراب.
* * *
وقال بعضهم: إنما أخذت"البرية" من قولك"بريت العود". فلذلك لم يهمز.
* * *
قال أبو جعفر: وترك الهمز من"بارئكم" جائز، والإبدال منها جائز. فإذ كان ذلك جائزا في"باريكم" فغير مستنكر أن تكون"البرية" من:"برى الله الخلق" بترك الهمزة.
* * *
وأما قوله:(ذلكم خير لكم عند بارئكم)، فإنه يعني بذلك: توبتكم بقتلكم أنفسكم وطاعتكم ربكم، خير لكم عند بارئكم، لأنكم تنجون بذلك من عقاب الله في الآخرة على ذنبكم، وتستوجبون به الثواب منه.
* * *
وقوله:(فتاب عليكم)، أي: بما فعلتم مما أمركم به من قتل بعضكم بعضا. وهذا من المحذوف الذي استغني بالظاهر منه عن المتروك. لأن معنى الكلام: فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتبتم، فتاب عليكم. فترك ذكر قوله:"فتبتم"، إذ كان في قوله:(فتاب عليكم) دلالة بينة على اقتضاء الكلام"فتبتم".
* * *
ويعني بقوله:(فتاب عيكم) رَجَعَ لكم ربكم إلى ما أحببتم: من العفو عن ذنوبكم وعظيم ما ركبتم، والصفح عن جرمكم،(إنه هو التواب الرحيم) يعني: الراجع لمن أناب إليه بطاعته إلى ما يحب من العفو عنه. ويعني ب"الرحيم"، العائد إليه برحمته المنجية من عقوبته.
* * *
ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه | ولا أحاشي من الأقوام من أحد |