القَيِّمِ) لطاعة ربك، والمِلةِ المستقيمةِ التي لا اعوجاج فيها عن الحقِّ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: من قبل مجيء يوم من أيام الله لا مردّ له لمجيئه؛ لأن الله قد قضى بمجيئه فهو لا محالة جاء(يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) يقول: يوم يجيء ذلك اليوم يصدّع الناسُ، يقول: يتفرّق الناس فرقتين من قولهم: صَدَعتُ الغنم صدعتين: إذا فرقتها فرقتين: فريق في الجنة، وفريق في السعير.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله:(فَأقِمْ وَجْهَكَ للدِينِ القَيِّمِ) الإسلام( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ) فريق في الجنة، وفريق في السعير.
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله:(يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) يقول: يتفرّقون.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:(يَصَّدَّعُونَ) قال: يتفرّقون إلى الجنة، وإلى النار.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: من كفر بالله فعليه أوزار كفره، وآثام جحوده نِعَمَ ربه،(وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا): يقول: ومن أطاع الله، فعمل بما أمره به في الدنيا، وانتهى عما نهاه عنه فيها(فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدونَ) يقول: فلأنفسهم يستعدون، ويسوّون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم، وينجوا من عذابه، كما قال الشاعر:
امْهِدْ لنفْسِكَ حانَ السُّقْمُ والتَّلَفُ... وَلا تُضَيِّعَنَّ نَفْسا مَا لَها خَلَفُ (١)
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

(١) البيت لسليمان بن يزيد العدوي (مجاز القرآن لأبي عبيدة، الورقة ١٨٩ - أ) قال في تفسير قوله تعالى: (فلأنفسهم يمهدون): من (بفتح الميم) يقع على الواحد والاثنين والجميع. ومجازها هنا مجاز الجميع. ويمهد: أي يكسب ويعمل ويستعد. قال سليمان بن يزيد العدوي: امهد لنفسك..." البيت وحان: قرب. والتلف: الموت. وفي اللسان (مهد) لنفسه يمهد مهدًا (كفتح) كسبب وعمل.


الصفحة التالية
Icon