لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) }
يقول تعالى ذكره:(إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله فوحدوه، وصدّقوا رسوله واتبعوه(وَعمِلُوا الصَّالحَاتِ) يقول: فأطاعوا الله، فعملوا بما أمرهم في كتابه وعلى لسان رسوله، وانتهوا عما نهاهم عنه(لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيم) يقول: لهؤلاء بساتين النعيم(خالدين فِيها) يقول: ماكثين فيها إلى غير نهاية(وَعْدَ اللهِ حَقًّا) يقول: وعدهم الله وعدا حقا، لا شكّ فيه ولا خلف له(وَهُوَ العَزِيزُ) يقول: وهو الشديد في انتقامه من أهل الشرك به، والصادّين عن سبيله(الحَكِيمُ) في تدبير خلقه.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: ومن حكمته أنه(خَلَقَ السَّمَوَاتِ) السبع(بغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)، وقد ذكرت فيما مضى اختلاف أهل التأويل في معنى قوله:(بغَيْرِ عمَدٍ تَرَوْنَها) وبيَّنا الصواب من القول في ذلك عندنا.
وقد حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا معاذ بن معاذ، عن عمران بن حدير، عن عكرِمة، عن ابن عباس(بغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) قال: لعلها بعمد لا ترونها.
وقال: ثنا العلاء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد قال: إنها بعمد لا ترونها.
قال: ثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن سماك، عن عكرِمة، عن ابن عباس قال: لعلها بعمد لا ترونها.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد، عن سماك، عن عكرمة في هذا الحرف(خَلَقَ السَّمَواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) قال: ترونها بغير عمد، وهي بِعمد.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة(خَلَقَ السَّمَوَاتِ بغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) قال: قال الحسن وقَتادة: إنها بغير عمد ترونها، ليس لها عمد.