والخوف، فبلغت إلى الحناجر.
كما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرِمة:(وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجِرَ) قال: من الفزع.
وقوله:( وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ) يقول: وتظنون بالله الظنونَ الكاذبة، وذلك كظنّ من ظنّ منهم أن رسول الله ﷺ يُغلب، وأن ما وعده الله من النصر أن لا يكون، ونحو ذلك من ظنونهم الكاذبة التي ظنها من ظنّ ممن كان مع رسول الله ﷺ في عسكره.
حدثنا بشر، قال: ثنا هوذة بن خليفة، قال: ثنا عوف، عن الحسن(وَتَظُنُّونَ باللَّه الظُّنُونا) قال: ظنونا مختلفة: ظنّ المنافقون أن محمدا وأصحابه يُستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حقّ، أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله:(وَتَظُنُّونَ بالله الظُّنُونا) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة، وبعض الكوفيين:(الظُّنُونا) بإثبات الألف، وكذلك(وأطَعْنا الرَّسُولا - فأضَلُّونا السَّبِيلا) في الوصل والوقف وكان اعتلال المعتلّ في ذلك لهم، أن ذلك في كل مصاحف المسلمين بإثبات الألف في هذه الأحرف كلها وكان بعض قرّاء الكوفة يثبت الألف فيهنّ في الوقف، ويحذفها في الوصل اعتلالا بأن العرب تفعل ذلك في قوافي الشعر ومصاريعها، فتلحق الألف في موضع الفتح للوقوف، ولا تفعل ذلك في حشو الأبيات، فإن هذه الأحرف، حسُن فيها إثبات الألفات، لأنهنّ رءوس الآي تمثيلا لها بالقوافي. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة والكوفة بحذف الألف من جميعه في الوقف والوصل، اعتلالا بأن ذلك غير موجود في كلام العرب إلا في قوافي الشعر دون غيرها من كلامهم، وأنها إنما تفعل ذلك في القوافي طلبا لإتمام وزن الشعر، إذ لو لم تفعل ذلك فيها لم يصحّ الشعر، وليس ذلك كذلك في القرآن، لأنه لا شيء يضطرّهم إلى ذلك في القرآن، وقالوا: هنّ مع ذلك في مصحف عبد الله بغير ألف.
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب، قراءة من قرأه بحذف الألف في الوصل والوقف، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، مع شهرة القراءة بذلك في قرّاء المصرين: الكوفة، والبصرة، ثم القراءة بإثبات الألف فيهنّ في حالة الوقف والوصل؛ لأن علة من أثبت ذلك في حال الوقف أنه كذلك في خطوط مصاحف المسلمين. وإذا كانت