يومئذ، ثم وطئوا ذلك بعد، وأورثهموه الله، وذلك كله داخل في قوله(وأرْضًا لَمْ تَطَئوها) لأنه تعالى ذكره لم يخصص من ذلك بعضا دون بعض.(وكانَ اللَّهُ على كُلّ شَيْء قَديرًا). يقول تعالى ذكره: وكان الله على أن أورث المؤمنين ذلك، وعلى نصره إياهم، وغير ذلك من الأمور ذا قدرة، لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء حاول فعله.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم(قُلْ) يا محمد،(لأزْواجِكَ إنْ كُنْتنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ) يقول: فإني أمتعكن ما أوجب الله على الرجال للنساء من المتعة عند فراقهم إياهنّ بالطلاق بقوله(وَمَتِّعُوهُنَّ على المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُحْسِنِينَ) وقوله(وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحًا جَمِيلا) يقول: وأطلقكنّ على ما أذن الله به، وأدّب به عباده بقوله(إذَا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)(وَإنْ كُنْتُنَّ تُردْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) يقول: وإن كنتن تردن رضا الله ورضا رسوله وطاعتهما فأطعنهما.(فَإنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ) وهن العاملات منهنّ بأمر الله وأمر رسوله(أجْرًا عظِيما).
وذُكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ من أجل أن عائشة سألت رسول الله ﷺ شيئا من عرض الدنيا، إما زيادة في النفقة، أو غير ذلك، فاعتزل رسول الله ﷺ نساءه شهرا، فيما ذكر، ثم أمره الله أن يخيرهنّ بين الصبر عليه، والرضا بما قسم لهنّ، والعمل بطاعة الله، وبين أن يمتِّعهنّ ويفارقهنّ إن لم يرضين بالذي يقسم لهن. وقيل: كان سبب ذلك غيرة كانت عائشة غارتها.
ذكر الرواية بقول من قال: كان ذلك من أجل شيء من النفقة وغيرها.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، أن رسول الله ﷺ لم يخرج صلوات، فقالوا: ما شأنه؟ فقال عمر: إن شئتم لأعلمنّ لكم شأنه، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فجعل يتكلم ويرفع صوته، حتى أذن