يقول تعالى ذكره لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم:(يَا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) يقول: من يزن منكنّ الزنا المعروف الذي أوجب الله عليه الحدّ،(يُضَاعَفْ لهَا العَذَابُ) على فجورها في الآخرة(ضِعْفَيْنِ) على فجور أزواج الناس غيرهم.
كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس(يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ) قال: يعني عذاب الآخرة.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار(يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ) بالألف، غير أبي عمرو، فإنه قرأ ذلك(يُضَعَّفْ) بتشديد العين تأوّلا منه في قراءته ذلك أن يضعَّف، بمعنى: تضعيف الشيء مرّة واحدة، وذلك أن يجعل الشيء شيئين، فكأن معنى الكلام عنده: أن يجعل عذاب من يأتي من نساء النبيّ ﷺ بفاحشة مبينة في الدنيا والآخرة، مثلي عذاب سائر النساء غيرهنّ، ويقول: إنَّ(يُضَاعَفْ) بمعنى أنْ يجْعَل إلى الشيء مثلاه، حتى يكون ثلاثة أمثاله فكأن معنى من قرأ(يُضَاعَفْ) عنده كان أن عذابها ثلاثة أمثال عذاب غيرها من النساء من غير أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلذلك اختار(يضعَّف) على(يضاعف)، وأنكر الآخرون الذين قرءوا ذلك(يضاعف) ما كان يقول ذلك، ويقولون: لا نعلم بين:(يُضَاعَفْ) و(يُضَعَّفْ) فرقا.
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار، وذلك(يُضَاعَفْ). وأما التأويل الذي ذهب إليه أبو عمرو، فتأويل لا نعلم أحدا من أهل العلم ادّعاه غيره، وغير أبي عُبيدة معمر بن المثنى، ولا يجوز خلاف ما جاءت به الحجة مجمعة عليه بتأويل لا برهان له من الوجه الذي يجب التسليم له.
وقوله:(وكانَ ذَلكَ على اللَّهِ يَسِيرًا) يقول تعالى ذكره: وكانت مضاعفة العذاب على من فعل ذلك منهن(عَلَى الله يَسِيرًا) والله أعلم.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (٣١) ﴾
يقول تعالى ذكره: ومن يطع الله ورسوله منكن، وتعمل بما أمر الله