يقول تعالى ذكره: إنا جعلنا أيمان هؤلاء الكفار مغلولة إلى أعناقهم بالأغلال، فلا تُبسط بشيء من الخيرات. وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر(إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَيْمَانِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأذْقَانِ) وقوله( إِلَى الأذْقَانِ ) يعني: فأيمانهم مجموعة بالأغلال في أعناقهم، فكُني عن الأيمان، ولم يجر لها ذكر لمعرفة السامعين بمعنى الكلام، وأن الأغلال إذا كانت في الأعناق لم تكن إلا وأيدي المغلولين مجموعة بها إليها، فاستغنى بذكر كون الأغلال في الأعناق من ذكر الأيمان، كما قال الشاعر:
وَما أدْرِي إذا يَمَّمْتُ وَجْهًا... أُرِيدُ الخَيْرَ أيُّهُما يَلِينِي
أألخَيرُ الذي أنَا أبْتَغِيهِ... أم الشَّرُّ الَّذي لا يَأتَلِيني (١)
فكنى عن الشر، وإنما ذكر الخير وحده لعلم سامع ذلك بمعني قائله، إذ كان الشر مع الخير يذكر. والأذقان: جمع ذَقَن، والذَّقَنُ: مجمع اللَّحيين.
وقوله( فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) والمقمَح هو المقنع، وهو أن يحدر الذقن حتى يصير في الصدر، ثم يرفع رأسه في قول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة، وفي قول بعض الكوفيين: هو الغاض بصره بعد رفع رأسه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل