القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَمَا أَنزلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزلِينَ (٢٨) إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩) ﴾
يقول تعالى ذكره: وما أنزلنا على قوم هذا المؤمن الذي قتله قومه لدعائه إياهم إلى الله ونصيحته لهم( مِنْ بَعْدِهِ) يعني: من بعد مهلكه( مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ ).
واختلف أهل التأويل في معنى الجند الذي أخبر الله أنه لم ينزل إلى قوم هذا المؤمن بعد قتلهموه فقال بعضهم: عُنِي بذلك أنه لم ينزل الله بعد ذلك إليهم رسالة، ولا بعث إليهم نبيًّا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله( مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ ) قال: رسالة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حَكَّام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَمَا أَنزلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزلِينَ ) قال: فلا والله ما عاتب الله قومه بعد قتله( إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ).
وقال آخرون: بل عني بذلك أن الله تعالى ذكره لم يبعث لهم جنودًا يقاتلهم بها، ولكنه أهلكهم بصيحة واحدة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، أن عبد الله بن مسعود، قال: غضب الله له، يعني لهذا المؤمن،