وقال: يريد ما في قومها أحد، وقال بعض نحويي الكوفيين: إذا أظهرت "أن" فهي في موضع رفع، كما قال:(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ - وَمَنَامُكُمْ) فإذا حذفت جعلت(مِنْ) مؤدّية عن اسم متروك، يكون الفعل صلة، كقول الشاعر:
وَما الدَّهْرُ إلا تارَتانِ فَمِنْهُما... أموتُ وأُخْرَى أبْتَغي العَيْش أَكْدحُ (١)
كأنه أراد: فمنهما ساعة أموتها، وساعة أعيشها، وكذلك:(وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ) آية البرق، وآية لكذا، وإن شئت أردت: ويريكم من آياته البرق، فلا تضمر "وأن" ولا غيره. وقال بعض من أنكر قول البصري: إنما ينبغي أن تحذف "أن" من الموضع الذي يدلّ على حذفها، فأما في كلّ موضع فلا فأما مع أحضر الوغى، فلما كان: زجرتك أن تقوم، وزجرتك لأنْ تقوم، يدلّ على الاستقبال جاز حذف "أن"؛ لأن الموضع معروف لا يقع في كلّ الكلام، فأما قوله: ومن آياته أنك قائم، وأنك تقوم، وأن تقوم، فهذا الموضع لا يحذف، لأنه لا يدلّ على شيء واحد.
والصواب من القول في ذلك أن "من" في قوله:(وَمِنْ آياتِهِ) تدل على المحذوف، وذلك أنها تأتي بمعنى التبعيض. وإذا كانت كذلك، كان معلوما أنها تقتضي البعض، فلذلك تحذف العرب معها الاسم؛ لدلالتها عليه.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) ﴾