فإذ كان ذلك كذلك، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب; وأصل ذلك من قولهم: أفاقت الناقة، فهي تفيق إفاقة، وذلك إذا ردت ما بين الرضعتين ولدها إلى الرضعة الأخرى، وذلك أن ترضع البهيمة أمها، ثم تتركها حتى ينزل شيء من اللبن، فتلك الإفاقة; يقال إذا اجتمع ذلك في الضرع فيقة، كما قال الأعشى:
حَتَّى إذَا فِيْقَةٌ فِي ضَرْعِها اجْتَمَعَتْ... جاءَتْ لِتُرْضِعَ شِقَّ النَّفْسِ لوْ رَضَعا (١)
وقوله( وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ ) يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش: يا ربنا عجل لنا كتبنا قبل يوم القيامة. والقطّ في كلام العرب: الصحيفة المكتوبة; ومنه قول الأعشى:
وَلا المَلِكُ النُّعْمَانُ يَوْمَ لَقِيتُهُ... بِنِعْمَتِهِ يُعْطِي القُطُوطَ وَيأْفِقُ (٢)
(٢) البيت للأعمش ميمون بن قيس (ديوان طبع القاهرة ص ٣٣) من قصيدة يمدح بها المحلق بن خنثم بن شداد بن ربيعة. وفيه"بأمته" في مكان"بنعمته". والقطوط : جمع قط بكسر القاف، وهو الصك بالجائزة، ويأفق كيضرب يفضل بعض الناس في الجوائز على بعض وهو من شواهد أبي عبيدة في (مجاز القرآن، الورقة ٢١٣١) قال في قوله تعالى :" ربنا عجل لنا قطنا" القط : الكتاب قال الأعشى :"ولا الملك" البيت القطوط : الكتب بالجوائز يأفق يفضل ويعلو. يقال : ناقة أفقة، وفرس آفق إذا فضله على غيره.