بالنعجة ها هنا عن المرأة، والعرب تفعل ذلك; ومنه قول الأعشى:
قَدْ كُنْتُ رَائِدَهَا وَشاةِ مُحَاذِرٍ... حَذرًا يُقِلُّ بعَيْنِهِ إغْفَالَهَا (١)
يعني بالشاة: امرأة رجل يحذر الناس عليها; وإنما يعني: لقد ظلمت بسؤال امرأتك الواحدة إلى التسع والتسعين من نسائه.
وقوله( وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) يقول: وإن كثيرا من الشركاء ليتعدَّى بعضهم على بعض( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول: وعملوا بطاعة الله، وانتهوا إلى أمره ونهيه، ولم يتجاوزوه( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) وفي"ما" التي في قوله( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) وجهان: أحدهما أن تكون صلة بمعنى: وقليل هم، فيكون إثباتها وإخراجها من الكلام لا يفسد معنى الكلام: والآخر أن تكون اسما، و"هم" صلة لها، بمعنى: وقليل ما تجدهم، كما يقال: قد كنت أحسبك أعقل مما أنت، فتكون أنت صلة لما، والمعنى: كنت أحسب عقلك أكثر مما هو، فتكون"ما" والاسم مصدرا، ولو لم ترد المصدر لكان الكلام بمن، لأن من التي تكون للناس وأشباههم، ومحكي عن العرب: قد كنت أراك أعقل منك مثل ذلك، وقد كنت أرى أنه غير ما هو، بمعنى: كنت أراه على غير ما رأيت.
ورُوي عن ابن عباس في ذلك ما حدثني به عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن على، عن ابن عباس، في قوله( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) يقول: وقليل الذين هم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) قال: قليل من لا يبغي.
فعلى هذا التأويل الذي تأوله ابن عباس معنى الكلام: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقليل الذين