في رأْسِ حَلْقاءَ مِن عَنقاءَ مُشْرِفةً... لا يَنْبَغي دُونها سَهْل وَلا جَبَل (١)
بمعنى: لا يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها.
وقوله( إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) يقول: إنك وهاب ما تشاء لمن تشاء بيدك خزائن كلّ شيء تفتح من ذلك ما أردت لمن أردت.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (٣٦) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ (٣٨) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: فاستجبنا له دعاءه، فأعطيناه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ ) مكان الخيل التي شغلته عن الصلاة( تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً ) يعني: رِخوة لينة، وهي من الرخاوة.
كما حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا بشر بن المفضل، قال: ثنا عوف، عن الحسن، أن نبي الله سليمان صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لما عرضت

(١) البيتان لابن أحمر الباهلي. أنشد أولهما صاحب اللسان في (دعج، علق) وأنشد الثاني في (علق)، وقال : دعجاء : هضبة عن أبي عبيدة. والغفر، بضم أوله وفتحه : ولد الأروية، والأنثى بالهاء والقراميد في البيت : أولاد الوعول. والقرمود : ذكر الوعول : والقراميد في غير هذا : الصخور وطوابيق الدار والحمامات. وبناء مقرمد : مبني بالآجر أو الحجارة. والأعصم : الوعل الذي في ذراعيه أو أحدهما بياض. والوعل بكسر العين وضمها : الذي يسرع في الصعود في الجبل. وهضبة حلقاء : مصمتة ملساء، لا نبات فيها. ويقال : هضبة معنقة وعنقاء : إذا كانت مرتفعة طويلة في السماء. ولا ينبغي : أي لا يكون مثلها في سهل أو جبل. وهذا محل الشاهد في البيتين، وهو مثل قوله تعالى :" هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي". قال أبو عبيدة وأنشد البيتين ( الورقة ٢١٤ ) لا ينبغي أن يكون فوقها سهل ولا جبل أعز منها أو أحصن منها. ورواية البيت الثاني في ( اللسان : علق ) : لا ينبغي تحريف. وقد مر هذا البيت في شواهد المؤلف مرتين في الجزء ( ١٦ : ٨٤، ١٣١ ). أ هـ.


الصفحة التالية
Icon