وتسع مِئَة سُرِّيَّة( هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ).
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب القولُ الذي ذكرناه عن الحسن والضحاك من أنه عني بالعطاء ما أعطاه من الملك تعالى ذكره، وذلك أنه جلّ ثناؤه ذكر ذلك عَقِيب خبره عن مسألة نبيه سليمان صلوات الله وسلامه عليه إياه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده، فأخبر أنه سخر له ما لم يُسَخَّر لأحد من بني آدم، وذلك تسخيره له الريح والشياطين على ما وصفت، ثم قال له عزّ ذكره: هذا الذي أعطيناك من المُلك، وتسخيرنا ما سخرنا لك عطاؤنا، ووهبنا لك ما سألتنا أن نهبه لك من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعدك( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) فقال بعضهم: عنى بذلك. فأعط من شئت ما شئت من الملك الذي آتيناك، وامنع ما شئت منه ما شئت، لا حساب عليك في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الحسن( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) المُلك الذي أعطيناك، فأعط ما شئت وامنع ما شئت، فليس عليك تبعة ولا حساب.
حُدثت عن المحاربي، عن جُوَيبر، عن الضحاك( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) سأل مُلكا هنيئا لا يُحاسب به يوم القيامة، فقال: ما أعطيت، وما أمسكت، فلا حرج عليك.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة( فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) قال: أعط أو أمسك، فلا حساب عليك.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن


الصفحة التالية
Icon