من قولهم: جَحِد عيشه: إذا ضاق واشتدّ; قال: فلما قال جُحْد خَفَّف.
وقال بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريين: النَّصُب من العذاب. وقال: العرب تقول: أنصبني: عذّبني وبرّح بي. قال: وبعضهم يقول: نَصَبَني، واستشهد لقيله ذلك بقول بشر بن أبي خازم:
تَعَنَّاكَ نَصْب مِن أُمَيْمَةَ مُنْصِبُ... كَذِي الشَّجْوِ لَمَّا يَسْلُه وسيَذْهَبُ (١)
وقال: يعني بالنَّصْب: البلاء والشرّ; ومنه قول نابغة بني ذُبيان:
كِلِيني لِهَمّ يا أمَيْمَةَ ناصِبِ... وَلَيْلٍ أُقاسِيهِ بَطيءِ الكَوَاكِب (٢)
حدثني بشر بن آدم، قال: ثنا أبو قُتيبة، قال: ثنا أبو هلال، قال: سمعت الحسن، في قول الله:( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) فركض برجله، فنبعت عين فاغتسل منها، ثم مشى نحوا من أربعين ذراعا، ثم ركض برجله، فنبعت عين، فشرب منها، فذلك قوله( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ )
وعنى بقوله( مُغْتَسَلٌ ) : ما يُغْتَسل به من الماء، يقال منه: هذا مُغْتَسل، وغسول للذي يَغْتسل به من الماء. وقوله( وَشَرَابٌ ) يعني: ويشرب منه، والموضع
(٢) البيت للنابغة الذبياني (مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا طبعة الحبلي ص ١٥٩ ) قال شارحه : كليني : دعيني. وأميمة بالفتح ( والأحسن بالضم ) : منادى. قال الخليل : من عادة العرب أن تنادى المؤنت بالترخيم، فلما لم يرخم هنا (بسبب الوزن) : أجراها على لفظها مرخمة، وأتى بها بالفتح. وناصب : متعب. وبطيء الكواكب : أى لا تغور كواكبه، وهي كناية عن الطول، لأن الشاعر كان قلقا. أ هـ. وقد تقدم ذكر البيت في شرح الشاهد الذي قبله، عن أبي عبيدة لأن موضع الشاهد فيهما مشترك.