أبيه، عن عبد الله بن بُرَيدة، قال: الغسَّاق: المنتن، وهو بالطُّخارية (١).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عمرو بن الحارث، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدريّ، أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:"لَوْ أنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ يُهَراقُ فِي الدُّنْيا لأنْتَنَ أهْلَ الدُّنْيا".
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو ما يسيل من صديدهم، لأن ذلك هو الأغلب من معنى الغُسُوق، وإن كان للآخر وجه صحيح.
وقوله( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) على التوحيد، بمعنى: هذا حميم وغساق فليذوقوه، وعذاب آخر من نحو الحميم ألوان وأنواع، كما يقال: لك عذاب من فلان: ضروب وأنواع; وقد يحتمل أن يكون مرادًا بالأزواج الخبر عن الحميم والغساق، وآخر من شكله، وذلك ثلاثة، فقيل أزواج، يراد أن ينعت بالأزواج تلك الأشياء الثلاثة. وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين:"وأخَرُ" على الجماع، وكأن من قرأ ذلك كذلك كان عنده لا يصلح أن يكون الأزواج وهي جمع نَعْتا لواحد، فلذلك جمع أخر، لتكون الأزواج نعتا لها; والعرب لا تمنع أن ينعَت الاسم إذا كان فعلا بالكثير والقليل والاثنين كما بيَّنا، فتقول: عذاب فلان أنواع، ونوعان مختلفان.
وأعجب القراءتين إليَّ أن أقرأ بها:( وآخَرُ) على التوحيد، وإن كانت الأخرى صحيحة لاستفاضة القراءة بها في قرّاء الأمصار; وإنما اخترنا التوحيد لأنه أصحّ مخرجا في العربية، وأنه في التفسير بمعنى التوحيد. وقيل إنه الزَّمهرير.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن

(١) لعله يريد بالطخارية : المنسوبة إلى طخارستان، بضم أوله، وهو إقليم من بلاد العجم، شرقي جرجان يريد أن لفظة"غساق" ليست عربية الأصل.


الصفحة التالية
Icon