كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى ) قال: هم الملائكة، كانت خصومتهم في شأن آدم حين قال ربك للملائكة:( إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ )... حتى بلغ( سَاجِدِينَ ) وحين قال:
( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً ) | حتى بلغ( وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ) ففي هذا اختصم الملأ الأعلى. |
وقد يتجه لهذا الكلام وجه آخر، وهو أن يكون معناه: ما يوحي الله إلى إنذاركم. وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى، كانت"أنما" في موضع رفع، لأن الكلام يصير حينئذ بمعنى: ما يوحى إلي إلا الإنذار.
قوله( إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يقول: إلا أني نذير لكم مبين لكم إلا إنذاركم. وقيل: إلا أنما أنا، ولم يقل: إلا أنما أنك، والخبر من محمد عن الله، لأن الوحْي قول، فصار في معنى الحكاية، كما يقال في الكلام: أخبروني أني مسيء، وأخبروني أنك مسيء بمعنى واحد، كما قال الشاعر:
رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَانا... أنَّا رأيْنا رَجُلا عُرْيانا (١)
(١) هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة ٢٨٢ ) قال : وقوله" إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين" : إن شئت جعلت" أنما" في موضع رفع ( نائب فاعل بيوحى ) كأنك قلت : ما يوحى إلي إلا الإنذار، وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إلي لأني نبي ونذير. فإذا ألقيت اللام كان موضع" إنما" نصبا، ويكون في هذا الموضع ما يوحى إلي إلا أنك نذير مبين، لأن المعنى حكاية، كما تقول في الكلام : أخبروني أني مسيء، وأخبروني أنك مسيء. وهو كقوله :" رجلان من ضبة.... البيت". والمعنى : أخبرانا أنهما رأيا، فجاز ذلك لأن أصله الحكاية أ هـ.