هذا الذي أعطيتمونا فاتبعنا ما فيه.
قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) قال: هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون: هذا الذي أعطيتمونا، فاتبعنا ما فيه.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره عنى بقوله:( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) كلّ من دعا إلى توحيد الله، وتصديق رسله، والعمل بما ابتعث به رسوله من بين رسل الله وأتباعه والمؤمنين به، وأن يقال: الصدق هو القرآن، وشهادة أن لا إله إلا الله، والمصدّق به: المؤمنون بالقرآن، من جميع خلق الله كائنا من كان من نبيّ الله وأتباعه.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن قوله تعالى ذكره:( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) عَقيب قوله:( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ) وذلك ذم من الله للمفترين عليه، المكذبين بتنزيله ووحيه، الجاحدين وحدانيته، فالواجب أن يكون عَقيب ذلك مدح من كان بخلاف صفة هؤلاء المذمومين، وهم الذين دعوهم إلى توحيد الله، ووصفه بالصفة التي هو بها، وتصديقهم بتنزيل الله ووحيه، والذي كانوا يوم نزلت هذه الآية، رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه ومن بعدهم، القائمون في كل عصر وزمان بالدعاء إلى توحيد الله، وحكم كتابه، لأن الله تعالى ذكره لم يخص وصفه بهذه لصفة التي في هذه الآية على أشخاص بأعيانهم، ولا على أهل زمان دون غيرهم، وإنما وصفهم بصفة، ثم مدحهم بها، وهي المجيء بالصدق والتصديق به، فكل من كان كذلك وصفه فهو داخل في جملة هذه الآية إذا كان من بني آدم.
ومن الدليل على صحة ما قلنا أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود."وَالَّذِينَ جَاءُوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ" فقد بين ذلك من قراءته أن الذي من