وقوله:( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ ) يقول جلّ ثناؤه: ما للكافرين بالله يومئذ من حميم يحم (١) لهم، فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب الله، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيطاع فيما شفع، ويُجاب فيما سأل.
وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ ) قال: من يعنيه أمرهم، ولا شفيع لهم. وقوله:( يطاع ) صلة للشفيع. ومعنى الكلام: ما للظالمين من حميم ولا شفيع إذا شفع أطيع فيما شفع، فأجيب وقبلت شفاعته له.
وقوله:( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ ) يقول جلّ ذكره مخبرا عن صفة نفسه: يعلم ربكم ما خانت أعين عباده، وما أخفته صدورهم، يعني: وما أضمرته قلوبهم; يقول: لا يخفى عليه شيء من أمورهم حتى ما يحدث به نفسه، ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره، وما ينوي ذلك بقلبه( وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) يقول: والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصدور عند نظر العيون بالحق، فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذارَ الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحُسنى، والذين ردّدوا النظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدّرت، جزاءها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عبد الله بن أحمد المَرْوَزِيّ، قال: ثنا عليّ بن حسين بن واقد قال: ثني أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس

(١) في اللسان : حمنى : الأمر وأحمني : أهمني. وقال الأزهري : أحمني هذا الأمر واحتممت له، كأنه اهتمام بحميم قريب.


الصفحة التالية
Icon