يَقُولُ الله:( يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ )".
فعلى هذا التأويل معنى الكلام: ويا قوم إني أخاف عليكم يوم ينادي الناس بعضهم بعضا من فزع نفخة الفزع.
وقرأ ذلك آخرون:"يَوْمَ التَّنَادِّ" بتشديد الدال، بمعنى: التفاعل من النَّدّ، وذلك إذا هربوا فنَدُّوا في الأرض، كما تَنِدّ الإبل: إذا شَرَدَت على أربابها.
* ذكر من قال ذلك، وذكر المعنى الذي قَصَد بقراءته ذلك كذلك.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، قال: إذا كان يوم القيامة، أمر الله السماء الدنيا فتشقَّقت بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصفوا صفا دون صف، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض نَدُّوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا السبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله:( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ) وذلك قوله:( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ) وقوله:( يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) وذلك قوله:( وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ).
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله( يَوْمَ التَّنَادِ ) قال: تَنِدون ورُوِي عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك:"يَوْمَ التَّنَادِي" بإثبات الياء وتخفيف الدال.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وهو تخفيف الدال وبغير إثبات الياء، وذلك أن ذلك هو القراءة التي عليها الحجة مجمعة من قرّاء الأمصار، وغير جائز خلافها فيما جاءت به نقلا. فإذا كان ذلك هو


الصفحة التالية
Icon