الرحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، في قوله:( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) قال: نسلا بعد نسل من الناس والأنعام.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال ثنا شعبة، عن منصور، أنه قال في هذه الآية :( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) قال يخلقكم.
وقال آخرون: بل معناه: يعيشكم فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:( جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) يقول: يجعل لكم فيه معيشة تعيشون بها.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) قال: يعيشكم فيه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ) قال: عيش من الله يعيشكم فيه. وهذان القولان وإن اختلفا في اللفظ من قائليهما فقد يحتمل توجيههما إلى معنى واحد، وهو أن يكون القائل في معناه يعيشكم فيه، أراد بقوله ذلك: يحييكم بعيشكم به كما يحيي من لم يخلق بتكوينه إياه، ونفخه الروح فيه حتى يعيش حيا. وقد بينت معنى ذرء الله الخلق فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادته.
وقوله:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) فيه وجهان: أحدهما أن يكون معناه: ليس هو كشيء، وأدخل المثل في الكلام توكيدًا للكلام إذا اختلف اللفظ به وبالكاف، وهما بمعنى واحد، كما قيل:
ما إن نديت بشيء أنت تكرهه (١)
( انظر مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي ) ورواية الشطر الأول فيه :* ما قلت من سييء مما أتيت به *
قال شارحه : يقول : إذا كنت قلت هذا الذي بلغك، فشلت يدي حتى لا أطيق رفع السوط على خفته. وروى في اللسان والتاج كرواية المؤلف، قال الزبيدي : يقال : ما نديني من فلان شيء أكرهه، أي ما بلني ولا أصابني. وما نديت له كفى بشر وما نديت بشيء.
ومحل الشاهد في البيت عند المؤلف قوله" ما إن" حيث أدخل حرف النفي" ما" على حرف النفي" إن" لاختلاف لفظهما، توكيدا للكلام. وهو نظير إدخال كاف التشبيه، على كلمة" مثل" التي تفيد التشبيه، في قوله تعالى (ليس كمثله شيء)، لتوكيد الكلام ؛ لاختلاف اللفظين.