بأنفسكم إذا أراد عقوبتكم على ذنوبكم التي أذنبتموها، ومعصيتكم إياه التي ركبتموها هربا في الأرض، فمعجزيه، حتى لا يقدر عليكم، ولكنكم حيث كنتم في سلطانه وقبضته، جارية فيكم مشيئته( وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ ) يليكم بالدفاع عنكم إذا أراد عقوبتكم على معصيتكم إياه( وَلا نَصِيرٍ ) يقول: ولا لكم من دونه نصير ينصركم إذا هو عاقبكم، فينتصر لكم منه، فاحذروا أيها الناس معاصيه، واتقوه أن تخالفوه فيما أمركم أو نهاكم، فإنه لا دافع لعقوبته عمن أحلها به.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: ومن حجج الله أيها الناس عليكم بأنه القادر على كل ما يشاء، وأنه لا يتعذّر عليه فعل شيء أراده، السفن الجارية في البحر. والجواري: جمع جارية، وهي السائرة في البحر.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله:( الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ ) قال: السفن.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ ) قال: الجواري: السفن.
وقوله:( كَالأعْلامِ ) يعني كالجبال: واحدها علم; ومنه قول الشاعر:
..................... كَأَنَّه عَلَمٌ فِي رأسِه نَارُ (١)
وقد استشهد به المؤلف عند قوله تعالى :(وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ) على أن الأعلام في البيت جمع علم بالتحريك، وهو الجبل. وقد كان العرب يوقدون النار في أعالي الجبال، لهداية الغريب والجائع ونحوهما.