يقول تعالى ذكره: ولمن انتصر ممن ظلمه ممن بعد ظلمه إياه( فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ) يقول: فأولئك المنتصرون منهم لا سبيل للمنتصر منهم عليهم بعقوبة لا أذى، لأنهم انتصروا منهم بحقّ، ومن أخذ حقه ممن وجب ذلك له عليه، ولم يتعد، لم يظلم، فيكون عليه سبيل.
وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: عني به كلّ منتصر ممن أساء إليه، مسلما كان المسيء أو كافرا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا معاذ، قال: ثنا ابن عون، قال: كنت أسأل عن الانتصار( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ )... الآية، فحدثني علي بن زيد بن جدعان، عن أمّ محمد امرأة أبيه، قال ابن عون: زعموا أنها كانت تدخل على أمّ المؤمنين قالت: قالت أم المؤمنين: دخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وعندنا زينب بنت جحش، فجعل يصنع بيده شيئا، ولم يفطن لها، فقلت بيده حتى فطَّنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحم (١) عائشة، فنهاها، فأبت أن تنتهي، فقال لعائشة:"سُبيها" فسبتها وغلبتها وانطلقت زينب فأتت عليا، فقالت: إن عائشة تقع بكم وتفعل بكم، فجاءت فاطمة، فقال لها:"إنها حبة أبيك وربّ الكعبة"، فانصرفت وقالت لعليّ: إني قلت له كذا وكذا، فقال كذا وكذا; قال: وجاء عليّ إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فكلَّمه في ذلك.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ )... الآية، قال: هذا في الخمش (٢) يكون بين الناس.
(٢) المقصود بالخمش : ما كان دون القتل والدية من قطع أو جدع أو جرح أو ضرب أو نهب ونحو ذلك. من أنواع الأذى التي لا قصاص فيها ( انظر النهاية لابن الأثير ).