واختلف أهل العربية في وجه فتح الألف من أن في هذا الموضع، فقال بعض نحويي البصرة: فتحت لأن معنى الكلام: لأن كنتم. وقال بعض نحويي الكوفة: من فتحها فكأنه أراد شيئا ماضيا، فقال: وأنت تقول في الكلام: أتيت أن حرمتني، تريد: إذ حرمتني، ويكسر إذا أردت: أتيت إن تحرمني. ومثله:( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ ) و( أنْ صَدُّوكُمْ ) بكسر وبفتح.
( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ) قال: والعرب تنشد قول الفرزدق؟
أتَجْزَعُ أنْ أُذْنا قُتَيْبَةَ حُزَّتا... جِهارًا وَلمْ تَجْزَعْ لقَتْلِ ابنِ حَازِمِ (١)
قال: وينشد؟
أتَجْزَعُ أنْ بانَ الخَلِيطُ المُوَدّعُ... وَحَبْلُ الصَّفَا مِنْ عَزَّةَ المُتَقَطِّعُ (٢)

(١) البيت من شواهد النحويين ومن شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة ٢٩٤ ) قال عند قوله تعالى في سورة الزخرف :( أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم( قرأ الأعمش :( إن كنتم ) بالكسر. وقرأ عاصم والحسن ( أن كنتم ) بفتح أن، كأنهم أرادوا شيئا ماضيا، وأنت تقول في الكلام : أأسبك أن حرمتني، وتكسر إذا أردت : أأسبك إن تحرمني ؟ ومثله :( لا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم) تكسر إن وتفتح ومثله ( فعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا). والعرب تنشد. قول الفرزدق" أتجزع إن أذنا قتيبة..." البيت. بالفتح والكسر. ورواية البيت في شرح شواهد المغني للسيوطي :" أتغضب" في مكان" أتجزع" قال : وضمير تغضب راجع على قيس. والحز : القطع. وابن خازم : عبد الله بن خازم، بمعجمتين، كما ضبطه الدارقطني وغيره أمير خراسان، وليها سنتين، ثم ثار به أهل خرسان، فقتلوه، وحملوا رأسه إلى عبد الملك بن مروان. وقتيبة بن مسلم الباهلي، من أكبر قواد المسلمين، وفاتحي بلاد الشرق، وهو الذي افتتح خوارزم وسمرقند وبخارى. وقتل سنة سبع وتسعين رحمه الله. والظاهر أن قول المؤلف" أتيت أن حرمتني". فيه تصحيف من الناسخ لقول الفراء في معاني القرآن" أأسبك حرمتني".
(٢) البيت لكثير عزة، وهو من شواهد الفراء أورده بعد الشاهد السابق، قال : أنشدوني" أتجزع أن بان"... البيت. ثم قال : وفي كل واحد من البيتين، ما في صاحبه من الفتح والكسر.


الصفحة التالية
Icon