بيده إلى التهلكة، ولا يتمنى على الله أمنية يتمنى على الله فيها غير الحقّ.
واختلفت القراء في قراءة قوله( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة(يُتَقَبَّلُ وَيُتَجَاوَزُ) بضم الياء منهما، على ما لم يسمّ فاعله، ورفع(أحْسَنُ). وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة(نَتَقَبَّلُ، وَنَتَجَاوَزُ) بالنون وفتحها، ونصب(أحسنَ) على معنى إخبار الله جلّ ثناؤه عن نفسه أنه يفعل ذلك بهم،
وردّا للكلام على قوله( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ ) ونحن نتقبل منهم أحسن ما عملوا ونتجاوز، وهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
وقوله( وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ) يقول: وعدهم الله هذا الوعد، وعد الحقّ لا شك فيه أنه موفّ لهم به، الذي كانوا إياه في الدنيا يعدهم الله تعالى، ونصب قوله( وَعْدَ الصِّدْقِ ) لأنه مصدر خارج من قوله( نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ )، وإنما أخرج من هذا الكلام مصدر وعد وعدا، لأن قوله( يَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ - وَيَتَجاوَز ُ) وعد من الله لهم، فقال: وعد الصدق، على ذلك المعنى.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (١٧) ﴾
وهذا نعت من الله تعالى ذكره نعت ضالّ به كافر، وبوالديه عاقّ، وهما مجتهدان في نصيحته ودعائه إلى الله، فلا يزيده دعاؤهما إياه إلى الحقّ، ونصيحتهما له إلا عتوًا وتمرّدا على الله، وتماديا في جهله، يقول الله جلّ ثناؤه( وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ ) أن دعواه إلى الإيمان بالله، والإقرار ببعث الله خلقه من قبورهم، ومجازاته إياهم بأعمالهم(أُفٍّ لَكُمَا) يقول: قذرا لكما ونتنا( أَتَعِدَانِنِي أَنْ